mardi 2 mars 2010

من هو المسؤول عن عقلية الفيل

ما هو سبب تشدّد الرقابة وتطرّفها في اتخاذ قرارت الحجب؟من المسؤول؟ هل هو تطبيق القانون، أم سياسة الحكومة ، أوهوعقلية وقناعات المسؤولين عن الرقابة؟
لن أدخل في تفاصيل ما جاء به القانون الذي ينص صراحة على ضمان حرية الفكر والتعبير، ولن أعيد ما جاء في خطابات الرئيس من دعم لحرية الصحافة باعتبار وضوحهم في هذه المسألة ، والذي هوعكس ما تقوم به بعض النفوس في مجال الرقابة.

ونحن نحتفل بالسنة الدولية للشباب قد أردت له شعار "يا شباب العالم اتحدوا " على وزن "يا عمال العالم اتحدوا"، أتساءل عن مجال مساهمة إدارة الرقابة وحجب المواقع الإلكترونية، ضمن برنامج وأهداف حدث السنة الدولية للشباب

أعتقد أن ما يقوم به المسئولون عن الرقابة في تونس مع الأسف يتعارض مع القانون والتوجيهات وكذلك برنامج وأهداف السنة الدولية للشباب ، إذ لا يعقل أن تقوم مؤسسة الرقابة بإقصاء المبدعين والشباب من المشاركة في المواقع الإلكترونية الأكثر انتشارا بين شباب العالم، سواء بحجبها عنهم أو بحجب أعمالهم ومواقعهم في مجال التدوين أو الفايس بوك أو يوتيب، وفي نفس الوقت تكون شريكا مهما في فعاليات السنة الدولية للشباب .

إذا ما كنا نريد لتونس أن تتقدّم ، وأن يكون لشعبها سمعة طيّبة في مجال الفكر والإجتهاد
والعمل والمثابرة ، وتحمّل المسؤولية ، فإن التعريف ببلادنا وشعبنا لا لن يكون إلا من خلال وسائل الإتصال الحديثة ومن خلال نشاطنا فيها كعنصر فاعل من حيث الكم والكيف وخاصة تنوّع محتواه الفكري والمعلوماتي.

إن بقائنا على مستوى الإستهلاك لبعض المواقع يراها بعض المسؤولين عن الرقابة والحجب صالحة لنظام غذائنا ، ومعدتنا، قد يكون أكثر ضررا من الصيام عن كل المواقع. والتاريخ أثب هذا ، حين كانت هناك مؤسسة إعلامية مرئية واحدة، هجرت مشاهدتها الناس ، وصار الهوائي على كل منزل في كل شبر من تراب موطننا العزيز. والنتيجة هي ما يشاهدها كل من له بصيرة .
في المدة الأخيرة وقع تصنيف تونس الأولى عربيا وإفريقيا في مجال التنافسية . وذلك لما توفّره من بنية تحتية لبعث المشاريع ، والمتمثلة في مجال الإتصال والمواصلات والتشجيعات والعامل البشري ، و السلم الإجتماعي . وهو ما نقدّره .

وباعتبار هذا التصنيف المشرّف لنا ، من خلال الإستثمار في المجال تكنولوجيا الإتصال والذى كان بتوجّهات صائبة وبأموال الضريبة التي يدفعها المواطن، ، فإنني أتسائل عن مدى جدوى ومردودية صرف مليارات الدينارات، ثم حرمان فئات المجتمع من الإنتفاع بهذا الإستثمار لمجالاته الأكثر انتشارا وشعبية.
ان عدم السماح للشباب باستغلال كل مواقع الأنترنات (ما عدى الإباحية منها) والتعريف بقدراتهم ومنتوجهم الإبداعي في جميع المجالات ، يعتبر عمل غير واعي وغير مسؤول من طرف المسؤولين عن الرقابة والحجب. وهو تنقيص من قيمة المواطن التونسي ومدى تأهله بأن يكون مواطنا صالحا متعلّما ومفكّرا ومبدعا .

كما أن الإبداع والإجتهاد لن يكون إلا بالتواصل مع الآخر وتبادل الخبرات والآراء والثقافتات
.. أما الإنزواء والإنغلاق والتشبّث بعقلية لم تعد صالحة لا في الزمان ولا في المكان فهي لن تجعل ترتيب مواقعنا الإلكترونية إلا كما هي عليه اليوم ،في مواقع متأخرة وغير معروفة ، ويكون حالنا مثل حال هذا الفيل والحبل

الفيل والحبل
كنت أفكر ذات يوم في حيوان الفيل، وفجأة استوقفتني فكرة حيرتني وهي حقيقة أن هذه المخلوقات الضخمة قد تم تقييدها في حديقة الحيوان بواسطة حبل صغير يلف حول قدم الفيل الأمامية، فليس هناك سلاسل ضخمة ولا أقفاص كان من الملاحظ جدا أن الفيل يستطيع وببساطة أن يتحرر من قيده في أي وقت يشاء لكنه لسبب ما لا يقدم على ذلك

شاهدت مدرب الفيل بالقرب منه وسألته: لم تقف هذه الحيوانات الضخمة مكانها ولا تقوم بأي محاولة للهرب؟

حسناً، أجاب المدرب: حينما كانت هذه الحيوانات الضخمة حديثة الولادة وكانت أصغر بكثير مما هي عليه الآن، كنا نستخدم لها نفس حجم القيد الحالي لنربطها به.

وكانت هذه القيود في ذلك العمر، كافية لتقييدها.. وتكبر هذه الحيوانات معتقدة أنها لا تزال غير قادرة على فك القيود والتحرر منها بل تظل على اعتقاد أن الحبل لا يزال يقيدها ولذلك هي لا تحاول أبدا أن تتحرر منه ،

هكذا تبقي الحيوانات التي تملك القوة لرفع أوزان هائلة و تستطيع ببساطة أن تتحرر من قيودها، على إعتقادها بأنها لم ولن تستطع ، فتبقي عالقة في مكانها كحيوان الفيل.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire